فصل: فصل في مسائل متفرقة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روضة الطالبين وعمدة المفتين **


 فصل في الصفات المشترطة في جميع الأصناف

فمنها أن لا يكون المدفوع إليه كافرا ولا غازيا مرتزقا كما سبق وأن لا يكون هاشميا ولا مطلبيا قطعا ولا مولى لهم على الأصح فلو استعمل هاشمي أم مطلبي لم يحل لهم سهم العامل على ويجري الخلاف فيما إذا جعل بعض المرتزقة عاملا ولو انقطع خمس الخمس عن بني هاشم وبني المطلب لخلو بيت المال عن الفيىء والغنيمة أو لاستيلاء الظلمة عليهما لم يعطوا الزكاة على الأصح الذي عليه الأكثرون وجوزه الأصطخري واختاره القاضي أبو سعد الهروي ومحمد بن يحيى رحمهم الله‏.‏

 فصل في كيفية الصرف إلى المستحقين

وما يتعلق به فيه مسائل إحداها فيما يعول عليه في صفات المستحقين قال الأصحاب من طلب الزكاة وعلم الإمام أنه ليس مستحقا لم يجز الصرف إليه‏.‏

وإن علم استحقاقه جاز ولم يخرجوه على القضاء بعلمه وإن لم يعرف حاله فالصفات قسمان خفية وجلية فالخفي الفقر والمسكنة فلا يطالب مدعيهما ببينة لعسرهما لكن إن عرف له مال فادعى هلاكه طولب بالبينة لسهولتها ولم يفرقوا بين دعواه الهلاك بسبب خفي كالسرقة أو ظاهر كالحريق‏.‏

وإن قال لي عيال لا يفي كسبي بكفايتهم طولب ببينة على العيال على الأصح ولو قال لا كسب لي وحاله تشهد بصدقه بأن كان شيخا كبيرا أو زمنا أعطي بلا بينة ولا يمين وإن كان قويا جلدا أو قال لا مال لي واتهمه الإمام فهل يحلف فيه وجهان أصحهما لا فإن حلفناه فهل هو واجب أم مستحب وجهان‏.‏

فإن نكل وقلنا اليمين واجبة لم يعط وإن قلنا مستحبة أعطي وأما الصفة الجلية فضربان أحدهما يتعلق الاستحقاق فيه بمعنى في المستقبل وهو الغازي وابن السبيل فيعطيان بقولهما بلا بينة ولا يمين‏.‏

ثم إن لم يحققا الموعود ويخرجا في السفر استرد نهما ولم يتعرض الجمهور لبيان القدر الذي يحتمل تأخير الخروج فيه وقدره السرخسي في أماليه بثلاثة أيام فإن انقضت ولم يخرج استرد منه‏.‏

ويشبه أن يكون هذا على التقريب وأن يعتبر ترصده للخروج وكون التأخير لانتظار الرفقة وتحصيل أهبة وغيرهما‏.‏

الضرب الثاني يتعلق الاستحقاق فيه بمعنى في الحال وتدخل فيه بقية الأصناف فإذا ادعى العامل العمل طولب بالبينة لسهولتها ويطالب بها المكاتب والغارم‏.‏

ولو صدقهما المولى وصاحب الدين كفى على الأصح ولو كذبه المقر له لغا الإقرار وأما المؤلف قلبه فإن قال نيتي في الاسلام ضعيفة قبل قوله لأن كلامه يصدقه وإن قال أنا شريف مطاع في قومي طولب بالبينة كذا فصله جمهور الأصحاب ومنهم من أطلق أنه لا يطالب بالبينة ويقوم مقام البينة الاستفاضة باشتهار الحال بين الناس لحصول العلم أو غلبة الظن ويشهد لما ذكرناه من اعتبار غلبة الظن ثلاثة أمور‏.‏

حدها قال بعض الأصحاب لو أخبر عن الحال واحد يعتمد قوله كفى‏.‏

الثاني قال الإمام رأيت للأصحاب رمزا إلى تردد في أنه لو حصل الوثوق بقول من يدعي الغرم وغلب على الظن صدقه هل يجوز اعتماده الثالث حكى بعض المتأخرين ما لا بد من معرفته وهو أنه لا يعتبر في هذه المواضع سماع القاضي والدعوى والإنكار والإشهاد بل المراد إخبار عدلين‏.‏

واعلم أن كلامه في الوسيط يوهم أن إلحاق الاستفاضة بالبينة مختص بالمكاتب والغارم ولكن الوجه تعميم ذلك في كل مطالب بالبينة من الأصناف‏.‏

المسألة الثانية في قدر المعطى فالمكاتب والغارم يعطيان قدر دينهما فإن قدرا على بعضه أعطيا الباقي‏.‏

والفقير والمسكين يعطيان ما تزول به حاجتهما وتحصل كفايتهما ويختلف ذلك باختلاف الناس والنواحي فالمحترف الذي لا يجد آلة حرفته يعطى ما يشتريها به قلت‏:‏ قيمتها أو كثرت والتاجر يعطى رأس مال ليشتري ما يحسن التجارة فيه ويكون قدر ما يفي ربحه بكفايته غالبا وأوضحوه بالمثال فقالوا البقلي يكتفي بخمسة دراهم والباقلاني بعشرة والفاكهي بعشرين والخباز بخمسين والبقال بمائة والعطار بألف والبزاز بألفي درهم والصيرفي بخمسة آلاف والجوهري بعشرة آلاف‏.‏

فرع من لا يحسن الكسب بحرفة ولا تجارة قال العراقيون وآخرون يعطى كفاية العمر الغالب وقال آخرون منهم الغزالي والبغوي يعطى كفاية سنة لأن الزكاة تتكرر كل سنة‏.‏

قلت‏:‏ وممن قطع بالمسألة صاحب التلخيص والرافعي في المحرر ولكن الأصح ما قاله العراقيون وهو نص الشافعي رضي الله عنه ونقله الشيخ نصر المقدسي عن جمهور أصحابنا قال وهو المذهب والله أعلم‏.‏

وإذا قلنا يعطى كفاية العمر فكيف طريقه قال في التتمة وغيره يعطى ما يشتري به عقارا يستغل منه كفايته‏.‏

ومنهم من يشعر كلامه بأنه يعطى ما ينفق عينه في حاجاته والأول أصح‏.‏

وأما ابن السبيل فيعطى ما يبلغه مقصده أو موضع ماله إن له في طريقه مال فيعطى النفقة والكسوة إن احتاج إليهما بحسب الحال شتاء وصيفا ويهيأ له المركوب إن كان السفر طويلا والرجل ضعيفا لا يستطيع المشي‏.‏

وإن كان السفر قصيرا أو الرجل قويا لم يعط ويعطى ما ينقل زاده ومتاعه إلا أن يكون قدرا يعتاد مثله أن يحمله بنفسه ثم قال السرخسي في الأمالي إن كان ضاق المال أعطي كراء المركوب‏.‏

وإن اتسع اشتري له مركوب فإذا تم سفره استرد منه المركوب على الصحيح الذي قاله الجمهور ثم كما يعطى لذهابه يعطى لإيابه إن أراد الرجوع ولا مال له في مقصده هذا هو الصحيح‏.‏

وفي وجه لا يعطى للرجوع في ابتداء السفر لأنه سفر آخر وإنما يعطى إذا أراد الرجوع ووجه ثالث أنه إن كان على عزم أنه يصل الرجوع بالذهاب أعطي للرجوع أيضا وإن كان على أن يقيم هناك مدة لم يعط ولا يعطى لمدة الإقامة إلا مدة إقامة المسافرين بخلاف الغازي حيث يعطى للمقام في الثغر وإن طال لأنه قد يحتاج إليه لتوقع فتح الحصن وإنه لا يزول عنه الاسم لطول المقام هذا هو الصحيح‏.‏

وعن صاحب التقريب أنه إن أقام لحاجة يتوقع زوالها أعطي وإن زادت إقامته على إقامة فرع هل يدفع إلى ابن السبيل جميع كفايته أو ما زاد بسبب السفر وجهان أصحهما الأول فرع وأما الغازي فيعطى النفقة والكسوة مدة الذهاب والرجوع ومدة وهل يعطى جميع المؤنة أم ما زاد بسبب السفر فيه الوجهان كابن السبيل ويعطى ما يشتري به الفرس إن كان يقاتل فارسا وما يشتري به السلاح وآلات القتال ويصير ذلك ملكا له ويجوز أن يستأجر له الفرس والسلاح‏.‏

ويختلف الحال بحسب كثرة المال وقلته وإن كان يقاتل راجلا فلا يعطى لشراء الفرس وأما ما يحمل عليه الزاد ويركبه في الطريق فكابن السبيل‏.‏

فرع إنما يعطى الغازي إذا حضر وقت الخروج ليهيء به أسباب سفره فإن أخذ ولم يخرج فقد سبق أنه يسترد‏.‏

فإن مات في الطريق أو امتنع من الغزو استرد ما بقي وإن غزا فرجع ومعه بقية فإن لم يقتر على نفسه وكان الباقي شيئا صالحا رده وإن قتر على نفسه أو لم يقتر إلا أن الباقي شيء يسير لم وفي مثله في ابن السبيل يسترد على الصحيح لأنا دفعنا إلى الغازي لحاجتنا وهي أن يغزو وقد فعل وفي ابن السبيل يدفع لحاجته وقد زالت‏.‏

فرع في بعض شروح المفتاح أنه يعطى الغازي نفقته ونفقة عياله ذهابا ومقاما ورجوعا وسكت الجمهور عن نفقة العيال لكن أخذها ليس ببعيد‏.‏

فرع للامام الخيار إن شاء دفع الفرس والسلاح إلى الغازي تمليكا وإن في سبيل الله تعالى فيعيرهم إياها وقت الحاجة فإذا انقضت استرد‏.‏

وفيه وجه أنه لا يجوز أن يشتري لهم الفرس والسلاح قبل وصول المال إليهم‏.‏

فرع وأما المؤلف فيعطى ما يراه الإمام قال المسعودي يجعله على قدر كلفتهم وكفايتهم‏.‏

فرع وأما العامل فاستحقاقه بالعمل حتى لو حمل صاحب الأموال زكاتهم إلى المثل لعمله فإن شاء الإمام بعثه بلا شرط ثم أعطاه أجرة مثل عمله وإن شاء سمى له قدر أجرته إجارة أو جعالة ويؤديه من الزكاة‏.‏

ولا يستحق أكثر من أجرة المثل فإن زاد فهل تفسد التسمية أم يكون قدر الأجرة من الزكاة والزائد في خالص مال الإمام فيه وجهان‏.‏

قلت‏:‏ أصحهما الأول والله أعلم‏.‏

فإن زاد سهم العاملين على أجرته رد الفاضل على سائر الأصناف وإن نقص فالمذهب أنه يكمل من مال الزكاة ثم يقسم‏.‏

وفي قول من خمس الخمس وقيل يتخير الامام بينهما بحسب المصلحة وقيل إن بدأ بالعامل كمله من الزكاة وإلا فمن الخمس لعسر الاسترداد من الأصناف وقيل إن فضل عن حاجة الأصناف فمن الزكاة وإلا فمن بيت المال‏.‏

والخلاف في جواز التكميل من الزكاة واتفقوا على جواز التكميل من سهم المصالح مطلقا بل لو رأى الإمام أن يجعل أجرة العامل كلها في بيت المال جاز ويقسم الزكاة على سائر الأصناف

فرع إذا اجتمع في شخص صفتان فهل يعطى بهما أم بأحدهما فقط أصحها على قولين أظهرهما بإحداهما فيأخذ بأيتهما شاء‏.‏

والطريق الثاني القطع بهذا‏.‏

والثالث إن اتحد جنس الصفتين أعطي بإحداهما وإن اختلف فيهما فيعطى بهما فالاتحاد كالفقر مع الغرم لمصلحة نفسه لأنهما يأخذان لحاجتهما إلينا‏.‏

وكالغرم للاصلاح مع الغزو فإنهما لحاجتنا إليهما والاختلاف كالفقر والغزو فإن قلنا بالمنع فكان العامل فقيرا فوجهان‏.‏

بناء على أن ما يأخذه العامل أجرة لأنه إنما يستحق بالعمل أم صدقة لكونه معدودا في الأصناف وفيه وجهان‏.‏

وإذا جوزنا الإعطاء بمعنيين جاز بمعان وفيه احتمال للحناطي‏.‏

قلت‏:‏ قال الشيخ نصر إذا قلنا لا يعطى إلا بسبب فأخذ بالفقر كان لغريمه أن يطالبه بدينه فيأخذ ما حصل له وكذا إن أخذه بكونه غارما فإذا بقي بعد أخذه منه فقيرا فلا بد من إعطائه من سهم الفقراء لأنه الآن محتاج والله أعلم‏.‏

المسألة الثالثة يجب استيعاب الأصناف الثمانية عند القدرة عليهم فإن فرق بنفسه أو فرق الإمام وليس هناك عامل فرق على السبعة وحكي قول أنه إذا فرق بنفسه سقط أيضا نصيب المؤلفة والمشهور ما سبق ومتى فقد صنف فأكثر قسم المال على الباقين فان لم يوجد أحد من الأصناف حفظت الزكاة حتى يوجدوا أو يوجد بعضهم‏.‏

وإذا قسم الإمام لزمه استيعاب آحاد كل صنف ولا يجوز الاقتصار على بعضهم لأن الاستيعاب لا يتعذر عليه وليس المراد أنه يستوعبهم بزكاة كل شخص بل يستوعبهم من الزكاة المختلطة في يده وله أن يخص بعضهم بنوع من المال وآخرين بنوع‏.‏

وإن قسم المالك فإن أمكنه الاستيعاب بأن كان المستحقون في البلد محصورين يفي بهم المال فقد أطلق في التتمة أنه يجب الاستيعاب وفي التهذيب أنه يجب إن جوزنا نقل الصدقة وإن لم نجوزه لم يجب لكن يستحب وإن لم يمكن سقط الوجوب والاستحباب ولكن لا ينقص الذين ذكرهم الله تعالى بلفظ الجمع من الفقراء وغيرهم عن ثلاثة إلا العامل فيجوز أن يكون واحدا وهل يكتفى في ابن السبيل بواحد فيه وجهان‏.‏

أصحهما المنع كالفقراء قال بعضهم ولا يبعد طرد الوجهين في الغزاة لقوله تعالى وفي سبيل الله بغير لفظ الجمع‏.‏

فلو صرف ما عليه إلى اثنين مع القدرة على الثالث غرم للثالث وفي قدره قولان والقياس أنه يغرم قدرا لو أعطاه في الابتداء أجزأه لأنه الذي فرط فيه ولو صرفه إلى واحد فعلى الأول يلزمه الثلثان وعلى الثاني أقل ما يجوز صرفه إليهما‏.‏

قلت‏:‏ هكذا قال أصحابنا رحمهم الله تعالى إن الأقيس هو الثاني ثم الجمهور أطلقوا القولين هكذا قال صاحب العدة إذا قلنا يضمن الثلث ففيه وجهان أحدهما أن المراد إذا كانوا سووا في الحاجة حتى لو كان حاجة هذا الثالث حين استحق التفرقة مثل حاجة الآخرين جميعا ضمن له نصف السهم ليكون معه مثلهما لأنه يستحب التفرقة على قدر حوائجهم‏.‏

والثاني أنه لا فرق والله أعلم‏.‏

ولو لم يوجد إلا دون الثلاثة من صنف يجب إعطاء ثلاثة منهم وهذا هو الصحيح ومراده إذا كان الثلاثة متعينين أعطى من وجد وهل يصرف باقي السهم إليه إذا كان مستحقا أم ينقل إلى بلد آخر قال المتولي هو كما لو لم يوجد بعض الأصناف في البلد‏.‏

وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى‏.‏

قلت‏:‏ الأصح أن يصرف إليه وممن صححه الشيخ نصر المقدسي ونقله هو وصاحب العدة وغيرهما عن نص الشافعي رحمة الله عليه ودليله ظاهر والله أعلم‏.‏

التسوية بين الأصناف واجبة وإن كانت حاجة بعضهم أشد إلا أن العامل لا يزاد على أجرة عمله كما سبق‏.‏

وأما التسوية بين آحاد الصنف سواء استوعبوا أو اقتصر على بعضهم فلا يجب لكن يستحب عند تساوي الحاجات هذا إذا قسم المالك قال في التتمة فأما إن قسم الإمام فلا يجوز تفضيل بعضهم عند تساوي الحاجات لأن عليه التعميم فتلزمه التسوية والمالك لا تعميم عليه فلا تسوية

قلت‏:‏ هذا التفصيل الذي في التتمة وإن كان قويا في الدليل فهو خلاف مقتضى إطلاق الجمهور استحباب التسوية وحيث لا يجب الاستيعاب قال أصحابنا يجوز الدفع إلى المستحقين من المقيمين بالبلد والغرباء ولكن المستوطنون أفضل لأنهم جيرانه والله أعلم‏.‏

فرع إذا عدم في بلد جميع الأصناف وجب نقل الزكاة إلى أقرب إليه فان نقل إلى أبعد فهو على الخلاف في نقل الزكاة وإن عدم بعضهم فان كان العامل سقط سهمه وإن عدم غيره فان جوزنا نقل الزكاة نقل نصيب الباقي وإلا فوجهان أحدهما ينقل‏.‏

وأصحهما يرد على الباقين فان قلنا ينقل نقل إلى أقرب البلاد فان نقل إلى غيره أو لم ينقل ورده ولو وجد الأصناف فقسم فنقص سهم بعضهم عن الكفاية وزاد سهم بعضهم عليها فهل يصرف ما زاد إلى من نقص نصيبه أم ينقل إلى ذلك الصنف بأقرب البلاد فيه هذا الخلاف وإذا قلنا يرد على من نقص سهمهم رد عليهم بالسوية‏.‏

فان استغنى بعضهم ببعض المردود قسم الباقي بين الآخرين بالسوية ولو زاد نصيب جميع الأصناف على الكفاية أو نصيب بعضهم ولم ينقص نصيب الآخرين نقل ما زاد إلى ذلك الصنف‏.‏

المسألة الرابعة في جواز نقل الصدقة إلى بلد آخر مع وجود المستحقين في بلده خلاف وتفصيل المذهب فيه عند الأصحاب أنه يحرم النقل ولا تسقط به الزكاة وسواء كان النقل إلى مسافة القصر أو دونها فهذا مختصر ما يفتى به وتفصيله أن في النقل قولين‏.‏

أظهرهما المنع وفي المراد بهما طرق أصحها أن القولين في سقوط الفرض ولا خلاف في تحريمه والثاني أنهما في التحريم والسقوط معا والثالث أنهما في التحريم ولا خلاف أنه يسقط ثم قيل هما في النقل إلى مسافة القصر فما فوقها فإن نقل إلى دونها جاز والأصح طرد القولين

قلت‏:‏ وإذا منعنا النقل ولم نعتبر مسافة القصر فسواء نقل إلى قرية بقرب البلد أم بعيدة صرح به صاحب العدة وهو ظاهر والله أعلم‏.‏

إذا أوصى للفقراء والمساكين وسائر الأصناف أو وجب عليه كفارة أو امتدادها للزكاة‏.‏

فرع صدقة الفطر كسائر الزكوات في جواز النقل ومنعه وفي وجوب استيعاب الأصناف فإن شقت القسمة جمع جماعة فطرتهم ثم قسموها‏.‏

وقال الأصطخري يجوز صرفها إلى ثلاثة من الفقراء ويروى من الفقراء والمساكين ويروى من أي صنف اتفق واختار أبو إسحق الشيرازي جواز الصرف إلى واحد‏.‏

قلت‏:‏ اتفق أصحابنا المتأخرون أو جماهيرهم على أن مذهب الأصطخري جواز الصرف إلى ثلاثة من المساكين و الفقراء‏.‏

قال أكثرهم وكذلك يجوز عنده الصرف إلى ثلاثة من أي صنف كان وصرح المحاملي والمتولي بأنه لا يجوز عنده الصرف إلى غير المساكين والفقراء‏.‏

قال المتولي ولا يسقط الفرش واختار الروياني في الحلية صرفها إلى ثلاثة وحكي اختياره عن جماعة من أصحابنا والله أعلم‏.‏

فرع حيث جاز النقل أو وجب فمؤنته على رب المال ويمكن تخريجه الخلاف السابق في أجرة الكيال‏.‏

فرع الخلاف في جواز النقل وتفريعه ظاهر فيما إذا فرق رب المال أما إذا فرق الإمام فربما اقتضى كلام الأصحاب طرد الخلاف فيه وربما دل على جواز النقل له والتفرقة كيف شاء وهذا أشبه‏.‏

قلت‏:‏ قد قال صاحب التهذيب والأصحاب يجب على الساعي نقل الصدقة إلى الإمام إذا لم يأذن له في تفريقها وهذا نقل والله أعلم‏.‏

فرع لو كان المال ببلد والمالك ببلد فالاعتبار ببلد المال لأنه سبب الأرض حتى حصل منها المعشر وزكاة النقدين والمواشي والتجارة إلى فقراء البلد الذي تم فيه حولها فإن كان المال عند تمام الحول في بادية صرف إلى فقراء أقرب البلاد إليه‏.‏

قلت‏:‏ ولو كان تاجرا مسافرا صرفها حيث حال الحول والله أعلم‏.‏

ولو كان ماله في مواضع متفرقة قسم زكاة كل طائفة من مال ببلدها ما لم يقع تشقيص فان وقع قال الشافعي رحمه الله كرهته وأجزأه‏.‏

وهذا هو المذهب وقطع به جمهور الأصحاب سواء جوزنا نقل الصدقة أم لا وقال أبو حفص ابن الوكيل هذا جائز إن جوزنا نقل الصدقة وإلا فيؤدي في كل بلد نصف شاة‏.‏

والصواب الأول وعللوه بعلتين إحداهما أن له في كل بلد مالا فيخرج فيها شاة منها والثانية أن الواجب شاة فلا تشقيص‏.‏

ويتفرع‏:‏ عليهما ما لو ملك مائة ببلد ومائة ببلد آخر فعلى الأول له إخراج الشاتين في أيهما شاء وعلى الثاني لا يجزئه ذلك وهو الأصح وأما زكاة الفطر إذا كان ماله ببلد وهو بآخر فأيهما يعتبر وجهان‏.‏

أصحهما ببلد المالك‏.‏

قلت‏:‏ ولو كان له من تلزمه فطرته وهو ببلد فالظاهر أن الاعتبار ببلد المؤدى عنه وقال في البيان الذي يقتضي المذهب أنه يبنى على الوجهين في أنها تجب على المؤدي ابتداء أم على المؤدى عنه فتصرف في بلد من تجب عليه ابتداء والله أعلم‏.‏

فرع أرباب الأموال صنفان أحدهما المقيمون في بلد أو قرية أو موضع من البادية فلا يظعنون عنه شتاء ولا صيفا فعليهم الثاني أهل الخيام المنتقلون من بقعة إلى بقعة فينظر إن لم يكن لهم قرار بل يطوفون البلاد أبدا صرفوها إلى من معهم من الأصناف فإن لم يكن معهم مستحق نقلوه إلى أقرب البلاد إليهم عند تمام الحول‏.‏

وإن كان لهم موضع يسكنونه وربما انتقلوا عنه منتجعين ثم عادوا إليه فإن لم يتميز بعضهم عن بعض في الماء والمرعى صرفوها إلى من هو دون مسافة القصر من موضع المال والصرف إلى الذين يقيمون من هؤلاء بإقامتهم ويظعنون بظعنهم أفضل لشدة جوارهم وإن تميزت الحلة عن الحلة وانفرد بالماء والمرعى فوجهان‏.‏

أحدهما أنه كغير المتميزة وأصحهما أن كل حلة كقرية فلا يجوز النقل عنها‏.‏

 فصل يشترط في الساعي كونه مسلما

مكلفا عدلا حرا فقيها بأبواب الزكاة هذا إذا كان التفويض عاما فإن عين الإمام شيئا يأخذه لم يعتبر الفقه قال الماوردي وكذا لا يعتبر الاسلام والحرية‏.‏

قلت‏:‏ عدم اشتراط الاسلام فيه نظر والله أعلم‏.‏

وفي جواز كون العامل هاشميا أو من المرتزقة خلاف سبق وفي الأحكام السلطانية للماوردي أنه وإذا قلد الأخذ وحده أو القسمة وحدها لم يتول إلا ما قلد وإن أطلق التقليد تولى الأمرين وإنه إذا كان العامل جائزا في أخذ الصدقة عادلا في قسمتها جاز كتمها عنه وجاز دفعها إليه وإن كان عادلا في الأخذ جائزا في القسمة وجب كتمها عنه‏.‏

فإن أخذها طوعا أو كرها لم تجزىء وعلى أرباب الأموال إخراجها بأنفسهم وهذا خلاف ما في التهذيب أنه إذا دفع إلى الإمام الجائر سقط عنه الفرض وإن لم يوصله المستحقين إلا أن يفرق بين الدفع إلى الإمام وإلى العامل‏.‏

قلت‏:‏ لا فرق والأصح الإجزاء فيهما والله أعلم‏.‏

 فصل وسم النعم جائز

في الجملة ووسم نعم الزكاة والفيىء لتتميز وليردها من وجدها ضالة وليعرف المتصدق ولا يمتلكها لأنه يكره أن يتصدق بشي ثم يشتريه هكذا قاله الشافعي رحمه الله‏.‏

وليكن الوسم على موضع صلب ظاهر لا يكثر الشعر عليه والأولى في الغنم الآذان وفي الإبل والبقر الأفخاذ ويكره الوسم على الوجه‏.‏

قلت‏:‏ هكذا قال صاحب العدة وغيره أنه مكروه وقال صاحب التهذيب لا يجوز وهو الأقوى ويكون ميسم الغنم ألطف من ميسم البقر وميسم البقر ألطف من ميسم الإبل وتميز نعم الزكاة من نعم الفيء فيكتب على الجزية جزية أو صغار وعلى الزكاة زكاة أو صدقة أو لله تعالى ونص الشافعي رحمه الله على سمة لله تعالى‏.‏

فرع ويجوز خصاء ما يؤكل لحمه في صغره لطيب لحمه ولا يجوز ولإخصاء ما لا يؤكل‏.‏

 فصل في مسائل متفرقة

أحدها ينبغي للامام والساعي وكل من يفوض إليه أمر تفريق الصدقات أن يعتني بضبط المستحقين ومعرفة أعدادهم وأقدار حاجاتهم بحيث يقع الفراغ من جميع الصدقات بعد معرفتهم أو معها ليتعجل حقوقهم وليأمن هلاك المال عنده الثانية ينبغي أن يبدأ في القسمة بالعالمين لأن استحقاقهم أقوى لكونهم يأخذون معاوضة‏.‏

قلت‏:‏ هذا التقديم مستحب والله أعلم‏.‏

الثالثة لا يجوز للامام ولا للساعي أن يبيع شيئا من الزكاة بل يوصلها بحالها إلى المستحقين إلا إذا وقعت ضرورة بأنأشرفت بعض الماشية على الهلاك أو كان في الطريق خطر أو احتاج إلى رد ولو وجبت ناقة أو بقرة أو شاة فليس للمالك أن يبيعها ويقسم الثمن بل يجمعهم ويدفعها إليهم وكذا حكم الإمام عند الجمهور وخالفهم في التهذيب فقال إن رأى الإمام ذلك فعله وإن رأى أن يبيع باع وفرق الثمن عليهم‏.‏

قلت‏:‏ وإذا باع في الموضع الذي لا يجوز فالبيع باطل ويسترد المبيع فإن تلف ضمنه والله أعلم

الرابعة إذا دفع الزكاة إلى من ظنه مستحقا فبان غير مستحق ككافر وعبد وغني وذي قربى فالفرض يسقط عن المالك بالدفع إلى الإمام لأنه نائب المستحقين‏.‏

ولا يجب الضمان على الإمام إذا بان غنيا لأنه لا تقصير ويسترد سواء أعلمه أنها زكاة أم لا فإن كان قد تلف غرمه وصرف الغرم إلى المستحقين وفي باقي الصور المذكورة قولان أظهرهما لا يضمن وقيل لا يضمن قطعا‏.‏

وقيل يضمن قطعا لتفريطه فإنها لا تخفى غالبا بخلاف الغني ولأنها أشد منافاة فإنها تنافي الزكاة بكل حال بخلافه ولو دفع المالك بنفسه فبان المدفوع إليه غنيا لم يجزه على الأظهر بخلاف الامام لأنه نائب الفقراء‏.‏

وإن بان كافرا أو عبدا أو ذا قربى لم يجزه على الأصح‏.‏

قلت‏:‏ ولو دفع سهم المؤلفة أو الغازي إليه فبان المدفوع إليه امرأة فهو كما لو بان عبدا وإذا لم يسقط الفرض فإن بين أن المدفوع زكاة استرد إن كان باقيا وغرم المدفوع إليه إن كان تالفا ويتعلق بذمه العبد إذا دفع إليه وإن لم يذكر أنه زكاة لم يسترد ولا غرم بخلاف الإمام يسترد مطلقا لأن ما يفرقه الإمام على الأصناف هو الزكاة غالبا وغيره قد يتطوع والحكم في الكفارة متى بان المدفوع إليه غير مستحق كحكم الزكاة‏.‏

الخامسة في وقت استحقاق الأصناف الزكاة قال الشافعي رحمه الله يستحقون يوم القسمة إلا العامل فإنه يستحق بالعمل وقال في موضع آخر يستحقون يوم الوجوب قال الأصحاب ليس في المسألة خلاف‏.‏

بل النص الثاني محمول على ما إذا لم يكن في البلد إلا ثلاثة أو أقل ومنعنا نقل الصدقة فيستحقون يوم الوجوب حتى لو مات واحد منهم دفع نصيبه إلى ورثته وإن غاب أو أيسر فحقه بحاله وإن قدم غريب لم يشاركهم والنص الأول فيما إذا لم يكونوا محصورين في ثلاثة أو كانوا وجوزنا نقل الزكاة فيستحقون بالقسمة حتى لا حق لمن مات أو غاب أو أيسر بعد الوجوب وقبل القسمة وإن قدم غريب شاركهم‏.‏

السادسة في فتاوى القفال أن الإمام لو لم يفرق ما اجتمع عنده من مال الزكاة من غير عذر فتلف ضمن والوكيل بالتفريق لو أخر فتلف لم يضمن لأن خلوكيل لا يجب عليه التفريق بخلاف قلت‏:‏ قال أصحابنا لو جمع الساعي الزكاة فتلفت في يده قبل أن تصل إلى الإمام استحق أجرته من بيت المال والله أعلم‏.‏

السابعة قال صاحب البحر لو دفع الزكاة إلى فقير وهو غير عارف بالمدفوع بأن كان مشدودا في خرقة ونحوها لا يعرف جنسه وقدره وتلف في يد المسكين ففي سقوط الزكاة احتمالان لأن معرفة القابض لا تشترط فكذا معرفة الدافع‏.‏

لت الأرجح السقوط وبقيت من الباب مسائل تقدمت في باب أداء الزكاة وغيره وبقيت مسائل لم يذكرها الإمام الرافعي هنا‏.‏

منها قال الصيمري كان الشافعي رحمه الله في القديم يسمي ما يؤخذ من الماشية صدقة ومن النقدين زكاة ومن المعشرات عشرا فقط‏.‏

ثم رجع عنه وقال يسمى الجميع زكاة وصدقة ومنها الاختلاف قال أصحابنا اختلاف رب المال والساعي على ضربين‏.‏

أحدهما أن يكون دعوى رب المال لا تخالف الظاهر والثاني تخالفه وفي الضربين إذا اتهمه الساعي حلفه واليمين في الضرب الأول مستحبة بلا خلاف فان امتنع عن اليمين ترك ولا شىء‏.‏

وأما الضرب الثاني فاليمين فيه مستحبة أيضا على الأصح وعلى الثاني واجبة فإن قلنا مستحبة فامتنع فلا شيء عليه وإلا أخذت منه لا بالنكول بل بالسبب السابق فمن الصور التي لا يكون قوله فيها مخالفا للظاهر أن يقول لم يحل الحول بعد ومنها أن يقول الساعي كانت ماشيتك نصابا ثم توالدت فيضم الأولاد إلى الأمات ويقول رب المال لم تكن نصابا وإنما تمت نصابا بالأولاد فابتدأ الحول من حين التولد‏.‏

ومنها أن يقول الساعي هذه السخال توالدت من نفس النصاب قبل الحول فقال بل بعد الحول أو من غير النصاب ومن الصور التي تخالف فيها الظاهر أن يقول الساعي مضى عليك حول فقال المالك كنت بعته في أثناء الحول ثم اشتريته أو قال أخرجت زكاته وقلنا يجوز أن يفرق بنفسه‏.‏

وقد سبق هذه المسألة في باب أداء الزكاة ولو قال هذا المال وديعة فقال الساعي بل ملكك فوجهان أصحهما أنه مخالف للظاهر وبه قطع الأكثرون والثاني لا ومنها الأفضل في الزكاة إظهار إخراجها ليراه غيره فيعمل عمله ولئلا يساء الظن به‏.‏

ومنها قال الغزالي في الإحياء يسأل الآخذ دافع الزكاة عن قدرها فيأخذ بعض الثمن بحيث يبقى من الثمن ما يدفعه إلى اثنين من صنفه فإن دفع إليه الثمن بكماله لم يحل له الأخذ قال وهذا السؤال واجب في أكثر الناس فإنهم لا يراعون هذا إما لجهل وإما لتساهل وإنما يجوز

 باب صدقة التطوع

هي مستحبة وفي شهر رمضان آكد‏.‏

قلت‏:‏ وكذا عند الأمور المهمة وعند الكسوف والمرض والسفر وبمكة والمدينة وفي الغزو والحج والأوقات الفاضلة كعشر ذي الحجة وأيام العيد ففي كل هذا الموضع آكد من غيرها قال في الحاوي ويستحب أن يوسع في رمضان على عياله ويحسن إلى ذوي أرحامه وجيرانه لا سيما في العشر الأواخر والله أعلم‏.‏

 فصل حكم صدقة التطوع للنبي صلى الله عليه وسلم

وكانت محرمة على رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأظهر له وهي حلال لذوي القربى على المشهور وتح للأغنياء والكفار وصرفها سرا أفضل وإلى الأقارب والجيران أفضل وكذا الزكاة والكفارة وصرفهما إليهم أفضل إذا كانوا بصفة استحقاقهما‏.‏

والأولى أن يبدأ بذي الرحم المحرم كالإخوة والأخوات والأعمام والأخوال ويقدم الأقرب فالأقرب وقد ألحق الزوج والزوجة بهؤلاء ثم بذي الرحم غير المحرم كأولاد العم والخال ثم المحرم بالرضاع ثم بالمصاهرة ثم المولى من أعلى وأسفل ثم الجار‏.‏

فإذا كان القريب بعيد الدار في البلد قدم على الجار الأجنبي فإن كان الأقارب خارجين عن البلد فإن منعنا نقل الزكاة قدم الأجنبي وإلا فالقريب وكذا أهل البادية فحيث كان القريب والأجنبي الجار بحيث يجوز الصرف إليهما قدم القريب‏.‏

 فصل يكره التصدق بالرديء

وبما فيه شبهة

 فصل ومن فضل عن حاجته وحاجة عياله

وعن دينه مال هل يستحب بجميع الفاضل فيه أوجه أحدهما نعم والثاني لا وأصحهما إن صبر على الإضافة فنعم وإلا فلا وأما من يحتاج إليه لعياله الذين تلزمه نفقتهم وقضاء دينه فلا يستحب له التصدق وربما قيل يكره‏.‏

قلت‏:‏ هذه العبارة موافقة لعبارة الماوردي والغزالي والمتولي وآخرين وقال القاضي أبو الطيب وأصحاب الشامل و المهذب و التهذيب و البيان والدارمي والروياني في الحلية وآخرون لا يجوز أن يتصدق بما يحتاج إليه لنفقته أو نفقة عياله وهذا أصح في نفقة عياله والأول أصح في نفقة نفسه وأما الدين فالمختار أنه إن غلب على ظنه حصول وفائه من جهة أخرى فلا بأس واعلم أنه بقي من الباب مسائل كثيرة منها قال أبو علي الطبري يقصد بصدقته من أقاربه أشدهم له عداوة ليتألف قلبه ولما فيه من سقوط الرياء وكسر النفس‏.‏

ويستحب للغني التنزه عنها ويكره له التعرض لأخذها قال في البيان ولا يحل للغني أخذ صدقة التطوع مظهرا للفاقة وهذا الذي قاله حسن وعليه حمل قول النبي صلى الله عليه وسلم في الذي مات من أهل الصفة فوجدوا له دينارين فقال كيتان من نار‏.‏

فأما إذا سأل الصدقة فقال صاحب الحاوي وغيره إن كان محتاجا لم يحرم السؤال وإن كان غنيا بمال أو صنعة فسؤاله حرام وما يأخذه حرام عليه هذا لفظ صاحب الحاوي ولنا وجه ضعيف ذكره صاحب الكتاب وغيره في كتاب النفقات أنه لا يحرم‏.‏

قال أصحابنا وغيرهم ينبغي أن لا يمتنع من الصدقة بالقليل احتقارا له قال الله تعالى فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره وفي الحديث الصحيح اتقوا النار ولو بشق تمرة ويستحب أن يخص بصدقته أهل الخير والمحتاجين‏.‏

وجاءت أحاديث كثيرة بالحث على الصدقة بالماء ومن دفع إلى غلامه أو ولده ونحوهما شيئا ليعطيه لسائل لم يزل ملكه عنه حتى يقبضه السائل فإن لم يتفق دفعه إلى ذلك السائل استحب له أن لا يعود فيه بل يتصدق به ومن تصدق بشىء كره له أن يتملكه من جهة من دفعه إليه ولا بأس به بملكه منه بالإرث ولا بتملكه من غيره وينبغي أن يدفع الصدقة بطيب نفس وبشاشة وجه ويحرم المن بها وإذا من بطل ثوابها ويستحب أن يتصدق مما يحبه قال صاحب المعاياة لو نذر صوما أو صلاة في وقت بعينه لم يجز فعله قبله ولو نذر التصدق في وقت بعينه جاز التصحق قبله كما لو عجل الزكاة‏.‏

ومما يحتاج إليه مسائل ذكرها الغزالي في الإحياء منها اختلف السلف في أن المحتاج هل الأفضل له أن يأخذ من الزكاة أو صدقة التطوع فكان الجنيد والخواص وجماعة يقولون الاخذ من الصدقة أفضل لئلا يضيق على الأصناف ولئلا يخل بشرط من شروط الأخذ وأما الصدقة فأمرها هين‏.‏

وقال آخرون الزكاة أفضل لأنه إعانة على واجب ولو ترك أهل الزكاة كلهم أخذها أثموا ولأن الزكاة لا منة فيها قال الغزالي والصواب‏.‏

أنه يختلف بالأشخاص فإن عرض له شبهة في استحقاقه لم يأخذ الزكاة وإن قطع باستحقاقه نظر إن كان المتصدق إن لم يأخذ هذا لا يتصدق فليأخذ الصدقة فإن إخراج الزكاة لا بد منه وإن كان لا بد من إخراج تلك الصدقة ولم يضيق بالزكاة تخير‏.‏

وأخذ الزكاة أشد في كسر النفس وذكر أيضا اختلاف الناس في إخفاء أخذ الصدقة وإظهاره ثم قال وعلى الجملة الأخذ في الملاء وترك الأخذ في الخلاء أحسن والله أعلم‏.‏